الرئيسية » الرياض وباريس ترسمان خريطة الطريق نحو سلام الشرق الأوسط

الرياض وباريس ترسمان خريطة الطريق نحو سلام الشرق الأوسط

الرياض وباريس ترسمان خريطة الطريق نحو سلام الشرق الأوسط

by هاني مجدي سليم
0 comments

الرياض وباريس ترسمان خريطة الطريق نحو سلام الشرق الأوسط

في لحظة دقيقة تمر بها القضية الفلسطينية، ومع تصاعد الدعوات الدولية لإحياء مسار السلام في الشرق الأوسط، شهدت أروقة الأمم المتحدة بنيويورك خطوة دبلوماسية بالغة الأهمية، حيث ترأست المملكة العربية السعودية، إلى جانب الجمهورية الفرنسية، جلسة الإحاطة الأولى للدول الأعضاء والمراقبين.

كتب: هاني سليم 

في إطار الاستعدادات لعقد المؤتمر الدولي الخاص بالتسوية السلمية للقضية الفلسطينية وتنفيذ حل الدولتين، المزمع عقده في يونيو من عام 2025.هذا التحرك المشترك بين الرياض وباريس يعكس إرادة سياسية واضحة من البلدين لإعادة تحريك المياه الراكدة في ملف الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، عبر مسار دبلوماسي يقوم على أساس دعم الحل السياسي العادل والشامل، الذي يعيد الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني ويضع نهاية لعقود من النزاعات والتوترات في واحدة من أكثر مناطق العالم حساسية وتعقيدًا.

إحياء مسار الحل السياسي العادل

شهدت الجلسة حضور السفير عبدالعزيز الواصل، المندوب الدائم للمملكة لدى الأمم المتحدة، إلى جانب نظيره الفرنسي السفير جيروم بونافونت، حيث عرض الجانبان خطة العمل التي يجري إعدادها لتحضير المؤتمر المرتقب، والذي يُنتظر أن يتحول إلى منصة سياسية دولية فاعلة لإعادة وضع القضية الفلسطينية في مقدمة أولويات المجتمع الدولي.

وخلال كلمته، شدد السفير الواصل على أن موقف المملكة تجاه القضية الفلسطينية ظل، ولا يزال، يستند إلى ثوابت واضحة، يأتي في مقدمتها دعم إقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة، على حدود الرابع من يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، باعتبار هذا الحل هو السبيل الوحيد لضمان أمن واستقرار المنطقة، وإنهاء حالة الصراع المزمنة التي أنهكت شعوبها لعقود.

وفي ذات السياق، أشار إلى أن المملكة تعكف، بالتعاون مع الجانب الفرنسي، على تشكيل مجموعات عمل متخصصة، لبحث المحاور الجوهرية المتعلقة بالتسوية السياسية، وتطوير رؤية عملية قابلة للتنفيذ تضمن معالجة القضايا العالقة، وتوفر أرضية حقيقية لحوار دولي بناء.

مبادرة دبلوماسية تعكس التزامًا ثابتًا

مبادرة السعودية وفرنسا لا تأتي بمعزل عن سياقها السياسي، بل تنسجم مع مواقف المملكة المبدئية التي لطالما أكدت أن القضية الفلسطينية تحتل موقعًا محوريًا في سياساتها الإقليمية والدولية، إدراكًا منها بأن استقرار الشرق الأوسط لا يمكن أن يتحقق دون إيجاد حل عادل وشامل يكفل للشعب الفلسطيني حقوقه الوطنية غير القابلة للتصرف.

وقد دعت المملكة الدول الأعضاء في الأمم المتحدة إلى الإسهام بفاعلية في هذه الجهود، من خلال تقديم مقترحاتها وتصوراتها حول كيفية إنجاح المؤتمر، بما يعزز من فرص تحقيق اختراق حقيقي في ملف طالما اصطدم بجدران مسدودة بسبب تعقيدات الواقع السياسي، وتباين مواقف الأطراف الدولية الفاعلة.

المبادرة، كما يراها المراقبون، ليست مجرد دعوة لعقد مؤتمر دبلوماسي تقليدي، بل هي مسعى حقيقي لوضع خطة شاملة تأخذ في الحسبان واقع الشعب الفلسطيني، ومعاناته المستمرة في ظل الاحتلال، وانسداد أفق الحل السياسي، وتراجع الدعم الدولي العملي.

إجماع دولي متزايد حول حل الدولتين

من اللافت أن الجلسة شهدت تجاوبًا إيجابيًا من غالبية الدول الأعضاء، التي أعربت عن تأييدها الكامل للمبادرة السعودية الفرنسية، مؤكدة أن حل الدولتين لا يزال الخيار الوحيد المقبول دوليًا، والقادر على إنهاء الصراع وإرساء أسس السلام الدائم في المنطقة.

وقد شددت هذه الدول على أهمية المضي قدمًا في خطوات عملية تؤدي إلى الاعتراف الرسمي بدولة فلسطين ضمن حدود واضحة تضمن لها السيادة والاستقلال، مع التأكيد على رفض كافة أشكال الضم غير القانوني للأراضي الفلسطينية، ورفض سياسات التهجير القسري، التي تتعارض مع القانون الدولي ومبادئ حقوق الإنسان.

كما أكدت الوفود على ضرورة تقديم دعم فعلي ومستمر للحكومة الفلسطينية، بما في ذلك دعم المؤسسات الخدمية، ودعم وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، باعتبارها إحدى الركائز الإنسانية الأساسية في حياة ملايين الفلسطينيين داخل فلسطين وفي الشتات.

السعودية: دور محوري يتجدد في كل محطة

لا شك أن الدور السعودي في دعم القضية الفلسطينية لم يكن وليد اليوم، بل هو امتداد لسياسة متجذرة في وجدان المملكة، كرسته قيادتها منذ تأسيسها، وتواصل ترسيخه اليوم في ظل رؤية أكثر وضوحًا وتوازنًا، تضع في صميم أولوياتها استقرار الإقليم من خلال إنهاء الصراعات المزمنة عبر الحوار، الدبلوماسية، ودعم مبادئ القانون الدولي.

ويأتي هذا التحرك السعودي ـ الفرنسي ليعزز من هذا النهج، عبر التفاعل المباشر مع المجتمع الدولي، والعمل على إعادة القضية الفلسطينية إلى واجهة الاهتمام السياسي، بعد أن كادت سنوات الجمود أن تُلقي بظلالها على أحد أكثر الملفات إلحاحًا في العالم.

المؤتمر الدولي المقرر في يونيو 2025، والذي تُعد له الرياض وباريس بعناية، قد يمثل محطة فارقة في مسيرة البحث عن تسوية سلمية للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، خصوصًا في ظل التحولات الجيوسياسية الجارية، وما رافقها من انكشاف واضح لعجز المقاربات التقليدية عن إحداث اختراق حقيقي في هذا الملف.

رسالة المملكة: السلام العادل هو الطريق نحو استقرار المنطقة

في الوقت الذي تتعاظم فيه التوترات الإقليمية، ويشهد الشرق الأوسط تصاعدًا في الأزمات المفتوحة والنزاعات المسلحة، يأتي الموقف السعودي ليؤكد أن الطريق إلى الأمن والاستقرار يمر حتماً عبر تسوية عادلة وشاملة للقضية الفلسطينية.

وتعكس هذه الجهود، ليس فقط التزام المملكة التاريخي بالقضية، بل أيضاً رؤيتها الحديثة لدور الدبلوماسية المتوازنة، التي تعتمد على بناء الجسور، وتعزيز التعاون الدولي، والبحث عن حلول سلمية قائمة على الشرعية الدولية، بعيداً عن سياسات الإقصاء أو فرض الأمر الواقع.

وفي ظل الدعم الدولي المتزايد لهذه المبادرة، تضع المملكة وفرنسا معًا الأسس لإعادة بناء ثقة مهزوزة في إمكانية تحقيق تسوية دبلوماسية، مع فتح الباب أمام نقاش عالمي واسع حول آليات إنفاذ حل الدولتين، بما يتجاوز مجرد الشعارات إلى خطوات ملموسة على الأرض.

 أمل متجدد في سلام عادل

التحرك السعودي الفرنسي المشترك يمثّل خطوة جادة في اتجاه إحياء المفاوضات على أسس راسخة من القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية، ويبعث برسالة أمل واضحة إلى الشعب الفلسطيني بأن قضيته لم تُغِب عن أجندة المجتمع الدولي، مهما حاولت بعض القوى فرض النسيان عليها.

وفي انتظار انعقاد المؤتمر الدولي منتصف عام 2025، تبدو الأعين شاخصة إلى هذه المبادرة الطموحة، التي قد تكون بارقة أمل طال انتظارها في مسيرة البحث عن سلام عادل وشامل يضع حداً لمعاناة إنسانية امتدت لعقود طويلة.

المزيد: برعاية ولي العهد.. الرياض تحتضن النسخة الثانية من مؤتمر تنمية القدرات البشرية

You may also like

Leave a Comment

Are you sure want to unlock this post?
Unlock left : 0
Are you sure want to cancel subscription?
-
00:00
00:00
Update Required Flash plugin
-
00:00
00:00