التغيرات المناخية.. جهود التنمية واستفادة الدول النامية
تعد ظاهرة التغيرات المناخية من المشكلات البيئية وقد أصبحت عالمية الطابع حيث أنها تعدت حدود الدول وأصبحت تشكل خطورة على العالم أجمع وتعتبر من أهم القضايا العالمية الملحة في وقتنا الحالي، مما وضعها في مكان الصدارة على أجندة كافة الاجتماعات الدولية والإقليمية، وصار العمل المناخي واحداً من أهداف التنمية المستدامة.
وفى إطار ذلك افتتحت الدكتورة هالة السعيد وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، أمس الثلاثاء الموافق 26 سبتمبر 2023 ، مؤتمر “الشراكة من أجل التكيّف مع تغيّر المناخ في الدول العربية”.
وقد حضر المؤتمر كلا من
الدكتور هاني سويلم وزير الموارد المائية والري.
السفيرة هيفاء أبو غزالة الأمين العام المساعد ورئيس قطاع الشؤون الاجتماعية بجامعة الدول العربية.
الدكتور محمود أبو زيد رئيس المجلس العربي للمياه والرئيس الفخري لمجلس المياه العالمي ووزير الموارد المائية والري الأسبق.
الدكتور محمود محيي الدين رائد المناخ للرئاسة المصرية لمؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة للتغير المناخي 27 COPوالمبعوث الخاص للأمم المتحدة لتمويل أجندة 2030 للتنمية المستدامة.
الدكتور أحمد السيد المدير التنفيذي لـ معمل عبد اللطيف جميل لمكافحة الفقر في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وعدد من الوزراء، ورؤساء المؤسسات الدولية والمنظمات الإقليمية والعربية.
أهمية الشراكة
أكدت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية الدكتورة هالة السعيد خلال كلمتها إن مؤتمر “الشراكة من أجل التكيف مع تغير المناخ في الدول العربية”، يتناول إحدى أهم القضايا التنموية على الصعيدين العالمي والوطني، وهي التكيف مع تغير المناخ في منطقتنا العربية، وذلك لما لتلك الظاهرة من تداعيات اقتصادية واجتماعية تحول دون استفادة شعوب الدول النامية من جهود التنمية وتمثّل ضغط على اقتصاديات تلك الدول، حيث تمتد تأثيراتها للقطاعات الاقتصادية الرئيسة مثل الزراعة والموارد المائية والطاقة، والبنية التحتية، والتجارة وسلاسل التوريد والإمداد، وكذلك قطاعات الصحة العامة، والأمن الغذائي، والتعليم، وفرص العمل.
قد أضافت أن هذا المؤتمر يأتي تكليلاً للشراكة المتميزة التي تجمع بين كلٍ من وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية ومعمل عبد اللطيف جميل لمكافحة الفقر في الشرق الأوسط بالجامعة الأمريكية في القاهرة، والتي قد أثمرت عن مجموعة من المبادرات، وأبرزها المعمل المصري لقياس الأثر (Egypt Impact Lab)؛ بهدف دعم صنع القرار ووضع السياسات القائمة على الأدلة في مجالات التوظيف وتوليد الدخل والحماية الاجتماعية.
الموضوعات البيئية
وفي إطار ما توليه الدولة المصرية من أولوية قصوى لقضية التغيرات المناخية، فيسرني الإعلان عن توسع مجالات الدراسة بالمعمل المصري لقياس الأثر لتشمل محور جديد يتناول الموضوعات البيئية والطاقة، مما يعزز منظومة التقييم وتصميم الحلول المبتكرة في المجال البيئي من خلال الاستناد إلى الأدلة العلمية الدقيقة، بما يعزز جهود الدولة التنموية.
وأضافت السعيد أن أبرز مستهدفات المؤتمر تتمثل في دعم قدرة صانعي السياسات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا على توجيه الاستثمارات نحو سياسات وبرامج التكيف مع التغيرات المناخية استناداً إلى نتائج المنهجيات العلمية لتقييم الأثر، إلى جانب دعم قدرة الخبراء ومفاوضي المناخ على التعاون مع متخذي القرار.
قياس أثر السياسات البيئية
تتعاظم فائدة قياس أثر السياسات البيئية في ظل ارتفاع تكلفة إجراءات التكيّف، حيث أشار أحدث تقارير برنامج الأمم المتحدة للبيئة حول جهود التكيّف مع التغيّرات المناخية إلى أن تكلفة إجراءات التكيّف في البلدان النامية تقدَّر بنحو 100 مليار دولار سنويًا، ومن المتوقع أن تصل إلى 300 مليار دولار في عام 2030.
وأوضحت السعيد أن جلسات المؤتمر النقاشية والتفاعلية، التي تُعقد على مدار يومين متتاليين، تشهد مناقشات موضوعية تتناول بحث دور البنية التحتية والنظم البيئية وموارد المياه غير التقليدية في تعزيز ممارسات الإدارة المستدامة للمياه، وكذا بحث تأثير تغيّر المناخ على الأمن الغذائي العالمي، مع التأكيد على أهمية إشراك أصحاب المصلحة والمجتمع المدني في تطوير وتنفيذ استراتيجيات لإدارة المياه والإنتاج الغذائي تتسم بالعدل والتكافؤ والشمول وتحقق العدالة الاجتماعية.
يضاف إلى ذلك تسليط الضوء على التحديات والفرص لدمج التكيّف مع المناخ والمهارات الخضراء في أنظمة التعليم والتدريب لدفع الابتكار وريادة الأعمال في الاقتصاد الأخضر، مع بحث الآثار الاقتصادية والمالية للانتقال إلى الطاقة النظيفة.
وقد أشارت ما سيشهده المؤتمر من إطلاق معمل عبد اللطيف جميل الجديد للهواء النقي والمياه النظيفة، والذي يهدف إلى تحسين جودة الهواء النقي والمياه النظيفة من خلال التعاون مع الهيئات الحكومية لتوحيد جهود ومبادرات الباحثين وصانعي السياسات في المناطق التي تشتد الحاجة فيها إلى حلول فعالة قائمة على الأدلة للهواء النظيف والمياه.
جهود الدولة
وأضافت أن تضافر جهود كافة مؤسسات الدولة وشركاء التنمية المحليين و الإقليميين والدوليين يأتي إنطلاقاً من قناعةٍ مشتركة بأهمية تكثيف جهود التعاون للتعامل مع ظاهرة تغيّر المناخ، التي باتت تبرز بشكلٍ متزايد في السياسة العامة، وذلك من خلال إطلاق الشراكات المبتكرة والفعّالة لدراسة تلك القضية، لتوحيد الصف في مواجهة الآثار السلبية لتلك الظاهرة، والتي تزداد حدتها يوماً بعد يوم، وتظهر عواقبها الوخيمة في جميع أنحاء العالم.
بما في ذلك منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وهي المنطقة التي باتت أكثر مناطق العالم عرضةً للظواهر الجوية القصوى من سيولٍ وانهياراتٍ أرضية، بل وارتفاع درجات الحرارة بمُعدّل بلغ ضِعف المتوسط العالمي، هذا إلى جانب أخطار نُدرة المياه، مما تتعاظم معه الحاجة المُلحّة للاستجابة الحاسمة لتلك الظاهرة على جميع المستويات، لافتة إلى ما نشهده الأضرار والخسائر الكبيرة التي حدثت نتيجة لمجموعة من الكوارث الطبيعية الناجمة عن تغيّر المناخ عاصرناها مؤخراً، وأبرزها الفيضانات التي ضربت مدينة “درنة” في ليبيا الشقيقة، خلال الشهر الجاري، والتي راح ضحيتها أكثر من خمسة آلاف شخص.