البداية الحقيقية للعلموية .. مختصر تاريخ الأكاديميا في القرن العشرين
العلم المحيط بكل شيء .. ظهور أسطورة رائجة
بقلم / مصطفى نصار
في كتاب أسطورة العنف الديني، ينقل الكاتب و بروفسير الفكر الديني وليام كافونو طريقة طبخ الأسطورة من الأسطورة الرائجة التى أكدت عليها أستاذة العلوم السياسية ليندا زريلي و هو التكرار المستمر و الدائم للأسطورة حتى تبثت في العقول .
و يأتي بعدها إعادة التثبيت حتى تشكل على هئية حقيقة راسخة لا تقبل الشك و النقاش ، و بذلك تصيح الأسطورة حقيقة و خطابها عبارة عن علم و معرفة غير قابلة للتفنيد بحق و عند التطبيق تطبع تلك الحقيقة في العقل الفردي .
الانقسام الطبيعي للجدل
و عند ربطها بالحياة اليومية ونوسع دائرة المعاملة والاحتكاك يتسع العقل الجمعي وفرضها يأتي من الانقسام الطبيعي للجدل حولها في الأصل في عملية تشبه الإجماع الزائف التى أشار لها الفيلسوف هيلاري بونتام في كتابه الحرية وعملية الجمهرة التى ألمح لها غوستاف لوبون في كتابه سيكولوجية الجماهير .
و بهذه المقدمات ، يبدو من المتسق للغاية تغطية العلم بصفته إلهًا و مقدسًا بعد تخلص الفلاسفة السطحيين من أثر الدين في أوربا ليجل العلم بترسخ و عمق ليبدل محل الدين في المعنى و الحق و الجمال ليززع مكانة الإنسان من مجهول يستكشف لمادة سطحية تقاس و تعاير أو بتعبير سايمون بلاكبيرن الفيلسوف العلمي “إجبار محجف “مما يترك و يطرح تساؤلات فيما يتعلق بالتبادل و التواصل بين العلم و الأكاديميا و دورهما .
تحيز تبادل :استحقاق زائف لتاريخ دموي
إذ افترضنا تناول التحيز بين الأكاديميا و العلم ، فسنقول أن إبهار تحول لقمع متبادل من بداية القرن العشرين حتى نهايته بخسائره الخطيرة و الفداحة بحق في الحربين العالمتين على أقل تقدير.
فمنذ إعلان أوربا موت إلهها و نفوقه، اتجهت للبحث عن ألهة جديدة تمثلها رواية نيل جيلمان في توصيفها الخيالي للتاريخ الأمريكي و لكنه يدلل بصدق من العنوان على موضوع شائك و يكاد يهدم القيم الأوربية المزعومة في احترام العلم و الشفافية حتى.
حلال وحرام وخطأ وصواب
و ذلك يدلل عليه تاريخ العلم نفسه بتحوله من المعيارية التى تتأخذ من العلم معيارًا لتحديد الحلال و الحرام الصواب والخطأ مما ينتج هالة دينية بالقضاء على أي وسيلة للعقل باحتقار أي مظهر أصيل يذكر الإنسان بنفسه و حجمه الحقيقي أو القضاء على التواضع .
غير ذلك التواضع ، فإن القضاء على التواضع سيفتح بابًا للشره المعرفي التي سيحطم أسسًا لطالما ارتكزت عليها مما يعطي حثياثات جديدة من المواجهات المباشرة بين العلم و الأكاديميا في القرن الحادي و العشرين.