كتبت/ غادة العليمى
اسماعيل ياسين .. سُمعه أبو ضحكة جنان رائد المونولوج والنكته صانع الضحكة وجه من زمن جميل طلته وحدها كفيلة بصناعة البهجة
عاش يهدى الضحك لجمهوره ومات وحيدا حزينا بائسا فما الذى أصابه؟؟!!
أخر ليلة
منذ بدايته وحتى قرب وفاته كانت تربطه برفيقة المونولوج والأدوار الخفيفة والصوت النقى القوى سعاد مكاوي علاقة صداقة وزمالة فنية
كانت صديقة مقربة له ولزوجته شهدت على كثير من تقلبات حياته.
وروت احداث آخر ليلة له في عمره فصرحت لأحد المواقع الفنية “في الأيام الأخيرة له جاءت الرياح بما لا تشتهى السفن وبعد الشهرة الكبيرة والجماهيرية العريضة عاد للعمل كمولوجيست في كازينو رمسيس (نفس الوظيفة التي بدأ بها حياته وكانت تعمل معه فى نفس الكازينو فى نفس الوظيفة بالتناوب معا ووقتها كان إسماعيل ياسين مصابا بمرض النقرس الذي كان يؤلمه حتى أنه كان يصعد إلى خشبة المسرح مرتديا البدلة وتحتها شبشب البيت من شدة الألم لأنه كان لا يستطيع إرتداء الحذاء.
اقرأ ايضا: سمير الإسكندرانى ثعلب مصرى أسقط ستة شبكات إسرائيلية للتجسس
وتتذكر سعاد تفاصيل هذه الليلة وتقول “وفي هذه الليلة دخلت حجرتي بالكازينو ففوجئت بإسماعيل ياسين يجلس حزينا والدموع تنهال من عينيه وسألته في لهفة مالك يا حبيبي؟ فرد علي وهو حزين: متضايق أوى ياسعاد”، إرتجف قلب سعاد عليه وحاولت تهدئته قدر المستطاع وقبلت رأسه وهدأته حتى مسح سُمعة دموعه وصعد إلى المسرح ليؤدي “نمرته الأخيرة” ويضحك رواد الكازينو كما لم يضحكهم من قبل ولا أحد يعلم أن قلبه حزين مكسور مقهور مريض يتألم.
وبعد انتهاء النمرة غادر الكازينو وحيدا إلى بيته في الزمالك وقبل الفجر بدقائق دق جرس الهاتف فتجيب سعاد مكاوى فتجد زوجته السيدة فوزية على الطرف الاخر من الهاتف تقول “إسماعيل ياسين تعيشي أنت ياسعاد “وتنهار ويرحل إسماعيل وكأنه كان ينعى نفسه بالدموع ويودع جمهوره بإضحاك الناس بالنكات والمونولوجات فى أخر ليلة من عمره.
إسماعيل الحلم والأمل
وُلد الفنان إسماعيل ياسين عام 1912م بمحافظة السويس ونشأ وسط أسرة ثرية، لكنه لم ينعم بهذا الثراء طويلاً للأسف بسبب تصرفات والده الطائشة وذلك لإنه تزوج من امرأة متسلطة مسرفة للغاية إسراف تسببت في إفلاس والده وكانت تعامل إسماعيل بصورة سيئة جدًا مما دفعه لهجرة بيت والده والسفر إلى القاهرة.
وكان سُمعه موهوب مؤمن بذاته طموح يحلم بأن يصير فنان كبير قرر أن يحقق حلمه بالشهرة والغناء فالتقى بالكاتب أبو السعود الإبياري الذي نصحه بالذهاب إلى فرقة بديعة مصابني لتقديم فن المونولوج.
وذهب إسماعيل ياسين بالفعل إلى فرقة بديعة مصابني وإستقبلته بترحاب شديد وشجعته على الغناء ومع مرور الوقت ذاعت شهرته وباتت أعماله تُبث عبر الإذاعة إلى أن بدأ أولى خطواته السينمائية عام 1939م بعد أن رشحه المخرج فؤاد الجزايرلي للمشاركة في فيلم «خلف الحبايب».
اقرأ ايضا: بالفيديو .. اليوم الدولى يلتقى بالفنانة التشكيلية الفرنسية “ماري دربيكورت”
وحقق سُمعه شهرة ونجاح كبير وإستطاع الوقوف بجانب كِبار النجوم في ذلك الوقت مثل فريد الأطرش ومحمد فوزي وأنور وجدي وتحول إلى «نجم شباك» وراهنت عليه الكثير من شركات الإنتاج وأصبح الفنان الوحيد الذي حملت أعماله الفنية اسمه مثل « إسماعيل ياسين في البوليس الحربي، إسماعيل ياسين في الطيران، إسماعيل ياسين في البحرية، إسماعيل ياسين في مستشفى المجانين، إسماعيل ياسين طرزان، و إسماعيل ياسين للبيع» وغيرهم من أعماله المعروفه.
تزوج ثلاث مرات وأنجب ولد وحيد هو ياسين إسماعيل ياسين من زوجته فوزية وعمل فيما بعد مخرجًا لأفلام الأكشن والرعب ورحل فى مقتبل العمر
إسماعيل ياسين قتل نفسه بنفسه
تردد فى الأوساط الفنية كثير من الشائعات حول تدهور حال اسماعيل ياسين فى أواخر ايامه بعضهم قال أنه صار من المغضوب عليهم بسبب نكته أغضبت منه ضباط الثورة وأخرين قالوا أن الديون تراكمت عليه بعد أن خسر أمواله فى القمار وأخرين تحدثوا عن تأميم بعض من ثروته ودفعه ما يقرب من ثلاثمائة ألف جنيه للضرائب ولكن النقاد والمؤرخين كان لهم رأى أخر قالوا إن إسماعيل ياسين هو الذي قتل نفسه بنفسه لإنه بعد أن أصبح نجما لا ينافس إلا نفسه استغله المنتجون والموزعون فترك نفسه لهم حتى انتهت صلاحيته على حد قولهم.
بمعنى إنه كان يقدم فيلما جديدا كل شهر ونصف ففى سنة 1959 وحدها قدم 9 أفلام وفي السنة التي سبقتها قدم 8 أفلام وفي سنة 1957 قدم نفس الرقم إلى جانب عمله بالمسرح لم يكن لديه وقت أن يفكر أن ينظر لنفسه أو يفهم الأجيال الجديدة.
إسماعيل ياسين كان نجما كبيرا خفيف الدم لن يأتي مثله لكنه لكنه لم يخطط لتطوير ذاته وظن أنه سيبقى كما هو مهما مرت السنين كان يضع عنوان الفيلم أولا ثم بعد ذلك يأتي السيناريو والحوار في أقل من يومين من قبل المؤلف أبو السعود الإبياري الذي كان يفكر بالنيابة عنه حتى إستيقظ ذات يوم فوجد الجمهور إتغير والإضحاك صار له طرق مختلفه أخرى.
أسباب النهاية كما ذكرها الأستاذ محمود السعدني
حلل كثير من كبار الكتاب ما حدث للنجم أبو ضحكة جنان ومن بينهم الاستاذ الكبير محمود السعدنى حيث فسر الأمر بقوله أن المجومية السريعة لسُمعه كانت تتعلق بالمؤلف أبو السعود الإبياريةالذي سلّم إسماعيل نفسه له فبدأ سقوط إسماعيل يحدث أولا عندما تخاصم هو والايبارى
ثم كان السقوط المدوي عندما مات الإبياري ثانيا.
هذا هو خطأ إسماعيل.. لقد قتل نفسه بنفسه.. اكتفى بجمع الأموال.. وانعزل عن الوسط الفني وزملائه كأنه يخاف من المستقبل لكن المستقبل خبأ له طعنة قاسية.
وفي مذكرات أغلب الفنانين الذين عاصروا إسماعيل ياسين تجدهم لا يثنون كثيرا على طريقة تعامله معهم كان داخل البلاتوه هو النجم الأوحد هو الذي يرمي الإفيه وهو الذي يخطف الكاميرا حتى في المسرح الخاص به كان العمل به وله ونجاحه مربوط بإسمه حتى خبى الإسم وانتهت الشهرة وإنطفئت الأضواء.
أخر ما كتب إسماعيل ياسين
أنا أربعين سنة شغل وتعب وجهد مثلت 400 فيلم وعملت 300 مونولوج ومثلت 61 مسرحية كنت عامل زى الدوا للإنسان المهموم عشان أضحكه وأنسيه همه وغمه مش دى تكون نهايتى أبداً.
أنا خدمت البلد دى وأنتوا عارفين كويس أنا عملت أفلام للثورة برضايا وبغير رضايا أنا غنيت للجيش واتبرعت بإرادات حفلاتى كلها فى 56 مش دى تكون نهايتى أبداً.
الناس تنسى ده كله ويفتكروا إن أنا فى آخر أيامي رجعت اشتغل فى كباريه طب أعمل إيه؟.. أعمل إيه؟.!!!
أنا اربعين سنة جهد مختش شهادة تقدير ولا حتى ميدالية صفيح بالعكس كل مليم حوشته فى حياتي أتاخد مني ومقلتش حاجة مش دى تكون نهايتي أبداً.

كلمات كتبها إسماعيل ياسين يعبر بها عن آلمه وأسفه رحمة الله عليه
ومات ابو ضحكة جنان قبل ان يتم تكريمه
ولكن سيظل اسماعيل ياسين جزء من الزمن الجميل والضحكات العفوية والبهجة فى أفلام الأبيض والأسود وسيظل إسمه وحده كفيل بإضحاكنا وسنظل نذكره بكل خير ونترحم على فنه وزمنه الجميل