كتبت: غادة العليمى
أسمهان .. فى مثل هذا الشهر وهذه الأيام وتحديداً فى ١٤ يوليو ١٩٤٤، وفارقت دنيانا فنانة جميلة أميرة من عائلة درزية نبيلة يعود نسبها إلى آل الأطرش الذين كان فيهم رجال لعبوا دورًا بارزًا في الحياة السياسية في سوريا.
نشأة درامية
إسمها الحقيقي آمال فهد إسماعيل الأطرش ولدت في 25 نوفمبر سنة 1912 على ظهر باخرة كانت تقل العائلة من تركيا بعد خلاف وقع بين الوالد و السلطات التركية بسبب إضطرابات في سوريا مما جعل السيدة علياء المنذر والدة أسمهان تترك عرينها في جبل الدروز في سوريا وتفر بأولادها إلى مصر.
وتحديدا إلى القاهرة وأقامت العائلة في حي الفجالة فى حالة من البؤس والفقر،الأمر الذي دفع الأم إلى العمل في الأديرة والغناء في حفلات الأفراح الخاصة لإعالة و تعليم أولادها الثلاثة، فقد كانت السيدة علياء تتمتع بصوت ساحر ورثته منها فيما بعد إبنتها أسمهان.
البداية وسبب تغيير اسمها
منذ صغرها كانت أسمهان تعشق الغناء وكانت تشدو بأعظم الأغنيات الصعبة الأداء لأم كلثوم ومحمد عبد الوهاب بسلاسة ويسر وكان اخوها المطرب فريد الاطرش يشجعها ويدعمها رغم انه كان فى بداية مشواره الفنى وفي أحد الأيام استقبل شقيقها المطرب فريد الاطرش في المنزل الملحن داود حسني أحد كبار الموسيقيين في مصر فسمع آمال تغني في غرفتها فطلب إحضارها و سألها أن تغني من جديد فغنت آمال فأعجب داود حسني بصوتها ولما انتهت قال لها “كنت أتعهد تدريب فتاة تشبهك جمالاً وصوتاً توفيت قبل أن تشتهر لذلك أحب أن أدعوك باسمها “أسمهان” وأصبح اسمها الفنى من وقتها أسمهان بدلاً من أمال
وإحترفت أسمهان الغناء من وقتها وأصبحت تشارك أخاها فريد الأطرش في الغناء في شارع عماد الدين وتحديداً فى صالة مارى منصور وعرفها الجمهور وأصبح يطلبها بالأسم وبدأ نجمها يسطع في سماء الأغنية العربية، حتى قال عنها الموسيقار محمد عبد الوهاب : “أن أسمهان فتاة صغيرة لكن صوتها صوت امرأة ناضجة”.
عودة الأميرة إلى الدروز
وفي عام 1934 تزوجت أسمهان من الأمير “حسن الأطرش” وإنتقلت معه ثانية إلى جبل الدروز في سوريا و عاشت هناك كأميرة للجبل لمدة ست سنوات رزقت خلالها بابنتها الوحيدة “كاميليا” لكنها لم تتحمل الحياة في الجبل وبدأت الخلافات بينها و بين زوجها بالإضافة إلى حنينها إلى الغناء الذي تعشقه وإلى الحياة فى مصر الذى لم ينسيها القصر جمالها وروعتها مما دفعها إلى العودة إلى القاهرة من جديد
وعادت الأميرة تزوجت للمرة الثانية من المخرج احمد بدرخان لكن الطلاق هذه المره كان أسرع بسبب الخلافات بينهما
ثم تزوجت للمرة الثالثة من الممثل أحمد سالم ولكن الزواج بينهما لم يكن سعيدا و انتهى بمأساة.
أعمالها الفنية
كانت أسمهان صاحبة صوت عذب حقا يؤثر كل من يسمعه وقيل عنها أنها كانت فاتنة ذات عينين ساحرتين وكان لديها كل المقومات التى تؤهلها لأن تصبح من أولى فنانات عصرها فى الغناء والتمثيلةلكنها لم تقدم أعمال كثيرة لإنها رحلت صغيرة ولم يمهلها القدر لتترك خلفها الكثير من الأعمال الفنية حيث قدمت أسمهان فيلمين هما إنتصار الشباب مع شقيقها فريد الأطرش و غرام و انتقام مع العملاق الكبير الفنان يوسف وهبي كما وشاركت بصوتها فقط في بعض من الأفلام مثل فيلم “يوم سعيد” قدمت فيه مع الموسيقار محمد عبد الوهاب أوبريت مجنون ليلى الشهير والذى نجح نجاح كبيرا.
شائعات حول أسمهان
أثيرت الكثير من الشائعات و الروايات حول أسمهان تناقلها البعض وقيل عنها أنها كانت تتعاون مع الإستخبارات البريطانية لدرجة أن إتهمها بعضهم بالجاسوسية إلا أن هذا الكلام لم يثبت ولم ينفى وإنما قد يكون أثله بسبب انها في مايو 1941 تم اللقاء بينها وبين أحد السياسيين البريطانيين العاملين في منطقة الشرق الأوسط وجرى خلال اللقاء الإتفاق على أن تساعد أسمهان بريطانيا و الحلفاء في تحرير سوريا و فلسطين و لبنان من القوات الفرنسية و قوات ألمانيا النازية و ذلك عن طريق إقناع زعماء جبل الدروز بعدم التعرض لزحف الجيوش البريطانية والفرنسية.
نهاية مأساوية
أثناء تصوير فيلم “غرام و انتقام” الذى كانت تقدمه اسمهان شعرت ببعض الإرهاق والإضطراب فإستأذنت أسمهان من منتج الفيلم الممثل يوسف وهبي يسمح لها بالسفر إلى رأس البر لتمضية فترة من الراحة على ان تستأنف العمل بعد الاجازة القصيرة
فوافق يويف وهبى وسافرت أسمهان إلى رأس البر صباح الجمعة 14 يوليو 1944 ترافقها صديقتها و مديرة أعمالها “ماري قلادة”
و لكن ماحدث في الطريق أن فقد السائق السيطرة على السيارة فانحرفت و سقطت في الترعة ( ترعه الساحل الموجودة حاليا في مدينة طلخا ) و لقت أسمهان حتفها مع صديقتها ومديرة أعمالها إما السائق فلم يصب بأذى و بعد الحادثة اختفى تماما.
رحيل في ريعان الشباب
ورحلت الأميرة فى ريعان شبابها، عن عمر يناهز 32 عام خفت الصوت الملائكي و هى في كامل مجدها و شهرتها وجمالها وراحت الصحف تفسر لغز الحادثة والوفاة من دون جدوى ورغم ذلك سيظل وفاتها لغزا لا يعلمه إلا الله إلا أن بعض أصابع الاتهام تشير إلى المخابرات البريطانية فى الحادث المأساوى.
أما الفيلم الذى كان من المقدر له النهاية السعيدة فقد تغيرت نهايته بنهاية بطلته وحزن البطل كثيراً يوسف بيك وهبى لوفاة البطلة التى كانت متوفيه بالفعل والذى ظهر نعشها الحقيقي فى أخر الفيلم .. لتكون حياتها ووفاتها فى الماء الولادة على متن سفينه فى الماء والوفاء فى قلب سيارة استقرت فى قاع الماء رحمة الله عليها