في خطوة تعكس المكانة المتنامية لصناعة السينما السعودية على الساحة العالمية، يشارك فيلم “نورة” في المنافسة على واحدة من أعرق الجوائز السينمائية الدولية — جائزة “المعبد السماوي” ضمن فعاليات الدورة الخامسة عشرة من مهرجان بكين السينمائي الدولي، الذي انطلق بالعاصمة الصينية بكين خلال الفترة من 19 وحتى 22 أبريل 2025، وسط حضور لافت من صُنّاع السينما وممثلي أكثر من 103 دولة ومنطقة حول العالم.
وتشهد نسخة هذا العام من المهرجان منافسة قياسية حطّمت الأرقام السابقة، حيث يتنافس على جوائز المهرجان الكبرى، وفي مقدمتها جائزة “المعبد السماوي” المرموقة، ما مجموعه 1794 فيلماً طويلاً، جرى اختيارها من مجموعة واسعة تمثل التنوع الثقافي والفني لـ 103 دول ومنطقة مختلفة، وهو رقم غير مسبوق في تاريخ المهرجان العريق الذي يُعد أحد أبرز المحافل السينمائية في آسيا والعالم.
ومن بين هذه الأفلام، تأهل 15 فيلماً فقط إلى المرحلة النهائية للتنافس ضمن عشر فئات رئيسية، يتصدّرها السباق على جائزة أفضل فيلم، ما يعكس حجم التحدي والمستوى الرفيع للأعمال المشاركة هذا العام.
وتُعد مشاركة هيئة الأفلام السعودية في مهرجان بكين السينمائي الدولي دلالة واضحة على الأهمية التي توليها المملكة لتعزيز حضورها السينمائي دوليًا، ومواصلة جهودها لإبراز المواهب الوطنية وترويج الإنتاجات السينمائية السعودية على المنصات العالمية.
وتهدف الهيئة من خلال هذه المشاركة إلى تسليط الضوء على التطورات المتسارعة التي تشهدها الصناعة السينمائية في السعودية، بما في ذلك البنية التحتية المتطورة، وبرامج الدعم المتنوعة، والمبادرات التدريبية التي تسعى إلى تمكين الكوادر المحلية وتأهيلها للمنافسة إقليميًا وعالميًا.
وفي إطار المشاركة السعودية، خصصت هيئة الأفلام جناحًا خاصًا ضمن أروقة المهرجان، يُمثل مركزًا حيويًا للتواصل مع صنّاع الأفلام والمنتجين والموزعين من جميع أنحاء العالم، حيث يسعى الجناح للتعريف بالبيئة السينمائية الجديدة التي تبلورت في المملكة بعد إطلاق رؤية 2030، وتسليط الضوء على الفرص الاستثمارية والإبداعية المتاحة داخل السوق السعودي الذي يشهد طفرة لافتة في الطلب على المحتوى الفني.
كما يتيح الجناح السعودي فرصة مباشرة للمشاركين للاطلاع على البرامج والمبادرات التي تقدمها هيئة الأفلام لدعم الإنتاج السينمائي المحلي، إلى جانب فتح آفاق النقاش حول إمكانيات التعاون المشترك مع شركات الإنتاج الصينية والآسيوية، واستكشاف سبل تعزيز الشراكات التي تدعم استدامة قطاع الأفلام السعودي وتنوع روافده.
ويمثل فيلم “نورة” — الذي يشارك هذا العام ضمن المنافسة الرسمية — نموذجًا معبرًا عن جودة وتطور المحتوى السينمائي السعودي، حيث يعكس الفيلم نضج التجربة المحلية سواء على صعيد الكتابة أو الإخراج أو الأداء التمثيلي، ما يمنحه فرصة قوية للتألق وسط قائمة الأفلام الدولية المنافسة.
كما يُعد اختيار “نورة” ضمن قائمة الأفلام المتنافسة على جائزة “المعبد السماوي” تتويجًا للجهود التي تبذلها هيئة الأفلام والمؤسسات السعودية لدفع عجلة الإنتاج المحلي ودعم الكفاءات الشابة، وتحفيز التبادل الثقافي بين السعودية والعالم.
من خلال هذه المشاركة النوعية، تؤكد السعودية التزامها الراسخ بتحويل صناعة السينما إلى قطاع ثقافي واقتصادي حيوي، متكامل وقادر على المنافسة إقليميًا وعالميًا، في ظل الحراك الكبير الذي يشهده المشهد الفني في المملكة، بفضل حزمة من التشريعات الجديدة والدعم الحكومي غير المسبوق.
ولا شك أن تواجد أفلام سعودية في مثل هذه المحافل العالمية، هو انعكاس مباشر للتحولات الثقافية والاقتصادية التي تعيشها المملكة، والتي تهدف إلى جعل الثقافة والفنون — والسينما تحديدًا — جزءًا من هويتها الجديدة، ورسالة تعكس عمق المجتمع السعودي وتنوعه وثراءه.