حكايه قصر فؤاد سراج الدين
كتب: خالد فؤاد
الخبير المصرفي مصطفىٰ عبدالحميد سراج الدين، حفيد سراج الدين باشا شاهين، مالك القصر ووالد فؤاد سراج الدين باشا يقول: إن القصر كان إهداء من الجد سراج الدين باشا إلى زوجته السيدة نبيهة هانم البدراوي عاشور في الذكرىٰ ٢٥ للزواج.
تاريخ إنشاءه:-
ويضيف: أنه بعد أن تم تشييد هذا القصر عام ١٩٠٨م، من قبل مهندس إيطالي ثم قام بتسليمه لصاحبه “كارلي بيرلي” الذي مكث فيه أسبوعًا واحدًا حتىٰ توفي نتيجة سكته قلبية، لتقوم ابنته بتأجيره للسفارة الألمانية.
وفي عام ١٩١٤م، اندلعت الحرب العالمية الأولىٰ ووضعت حكومة الإحتلال الإنجليزي في هذا الوقت القصر تحت الحراسة الجبرية، ومع توقيع معاهدة بين البلدين وتم رفع الحراسة عنه ثم تأجيره لمدرسة سويدية، ثم تحول إلىٰ مدرسة فرنسية.
استمرت المدرسة لمدة ١٢ عامًا وأغلقت بعد إفلاسها فتم عرض القصر للبيع عام ١٩٢٩م، وكان محامي العائلة أرميني الجنسية وتربطه صداقه بسراج الدين، وعرض عليه شراء القصر وكان سراج يقطن في تلك الفترة في المبتديان.
ثم أراد أن ينقل عائلته المكونة من ٦ أولاد وابنتين للإقامة في بيت كبير، وبالفعل قام سراج الدين باشا شاهين بشرائه عام ١٩٣٠م، وتوفي سراج الدين باشا بعد ٤ أعوام في ١٩٣٤م.
حكايات من داخل القصر:-
لقد عاصر القصر حقبة تاريخية، ففيه تقاضت سيدة الغناء العربي “أم كلثوم” ٣٠ جنيهاً مقابل غنائها بأحد حفلات العائلة، كما غنىٰ فيه الكثير من المطربين كعبد الحليم حافظ وعبد المطلب.
ويُعد القصر شاهد علىٰ العديد من الإجتماعات السياسية السرية الخاصة بتشكيل الحكومات في الفترة من ١٩٤٠م، إلىٰ ١٩٥٢م، والشاهد علىٰ زيارات شخصيات بارزة علىٰ رأسها سعد زغلول والنقراشي باشا ومصطفى النحاس باشا والملك فاروق وذلك لحضور اجتماعات سياسية.
ويعد القصر بمثابة بيت العائلة الكبير، وفيه تم زواج جميع أبناء وبنات سراج الدين باشا شاهين وبعض الأحفاد، مثل زفاف نائلة فؤاد سراج الدين عام ١٩٥٠م، وآخرها عقد قران هبة الله بنت ياسين سراج الدين، ومعظم مناسبات العزاء كانت تتم أيضًا بالقصر.
وقد عاصر القصر حقبة مهمة من تاريخ مِصر المعاصر، وكان له دورًا بارزًا في حياة حزب الوفد قبل وبعد ثورة يوليو ١٩٥٢م، حيث كان القصر بمثابة بيت الأمة الجديد.
تصميم القصر:-
وتبلغ مساحته ١٨٠٠م وعدد غرفه ١٦ غرفه بخلاف الحديقة والجراج، وصُمم القصر وبجانبه السلاملك الذي يتكون من ٤ غرف وحمامين وغرفة المربية، الذي كان لإقامة أطفال العائلة فيه حتى سن ١٠ سنوات، وفيه تتم تنشئة أطفال العائلة علىٰ آداب المائدة والتحدث وتهيئتهم للإقامة في القصر بعد ذلك.
وقد تم تصميم القصر علىٰ أحدث طراز في وقته، حيث كان أول قصر في مِصر صُمم فيه نظام التدفئة المركزية، وكان يحوى ١٠ مدفآت ٤ منها صممت بالرخام الإيطالي المنقوش باليد، وكان به مصعدان أحدهما للأفراد وآخر للطعام صممهما المهندس السويسري “ألفريد شندلير”.
فيلم شروق وغروب:-
وظهر القصر مرات عديدة علىٰ شاشات التليفزيون، حيث أن فؤاد باشا لم يمانع من تصوير الأفلام السينمائية به، والتي كان أشهرها فيلم غروب وشروق، وكتبت رواية عن القصر بقلم “سامية سراج الدين” حفيدة العائلة وهي رواية “بيت العائلة” التي تصف فيه الحياة في القصر.
محنة العائلة:-
وظل القصر يعج بالأحداث حتىٰ ١٩٥٢م، وشهد بعد ذلك علىٰ محنة العائلة من التأميم والحراسة واستقرت معظم العائلة خارج القصر وظل فيه فؤاد سراج الدين الذي حددت إقامته فيه وظل به حتىٰ وفاته ثم تم بيعه.