بقلم: د. رحاب أبو العزم
المعنى الطبي للمرأة ما بعد الأربعين والخمسين*
المرأة الأربعينية والخمسينية .. إن معرفة العلم فيما يخص جل أمور الحياة يضفي عليها قدرًا كبيرًا من الوعي والرقي العقلي ومن ثم يستجمع الذهن المعلومة الصحيحة فيرتقي بالتفكير والسلوك من الدنو إلى التحضر في التعامل مع حيثيات الحياة؛ ويعد التعامل مع المرأة من أهم دوائر الحياة التي يعايشها الرجل والمرأة على حد سواء؛ لذا كان من الأهمية التعرف على سن النضوج الفكري والصفاء العاطفي؛ ألا وهو الأربعين والخمسين عند المرأة حيث الأنوثة الناضجة والانطلاق الواعي والخطوة المدروسة، وأخص الزوج بضرورة التعرف على سمات تلك المرحلة. وفي مجال الطب يثبت العلماء أن المرأة الأربعينية والخمسينية تمر بمرحلة انقطاع الطمث، وهي ليست مرضًا ولا جريمة ولا عيبًا بل هي مرحلة تغيرات هرمونية تؤثر فسيولوجيًا على أجزاء متعددة من الجسم؛ حيث يبدأ الانخفاض التدريجي لهرمون الإستروجين والبروجستيرون فتصبح الدورة الشهرية غير منتظمة، ومع اقتراب الخمسين تقترب للانتهاء تمامًا، وتشعر المرأة بهبات ساخنة وزيادة في الوزن وجفاف الجلد وضعف في العظام، ويشعر من حولها بتقلباتها٧ المزاجية، وسرعة عصبيتها، والقلق وأحيانًا الاكتئاب. هذا هو الطب وعلى الجميع الاعتناء بالمعلومة الطبية ليدرك ماهية التعامل مع امرأة الأربعين والخمسين كي يعبر الزوجان إلى بر المودة والرحمة والسكن والهدوء.
إيجابيات أنثى الأربعين والخمسين
وعلى الرغم من تلك التغيرات الهرمونية التي لا يد للأنثى فيها؛ إلا أن أنثى الأربعين والخمسين تحمل نضجًا نفسيًا وفكريًا عميقًا فهي القادرة على احتواء المواقف الصادمة، والواعية لإرجاع زوجها إن ضل الطريق، والبارعة في دلال الزوج لترتد به إلى طفولته وتحيل إلى نفسها دور الأم إن احتاج الزوج منها الأمومة وهذا إضافة إلى قدرتها على ضم الحياة الزوجية بين ذراعيها لتنتقل بها إلى بر الأمان والهدوء؛ باختصار؛ إن امرأة الخمسين هي المرأة الناضجة المدللة المعتزة بقدراتها، هي من تعلم هدفها وماذا تريد وكيف تحقق ما تتمناه، فلقد كانت في العشرين تكتشف من تكون، وفي الثلاثين قد خاضت معركة الحياة، والآن يأتي الحصاد كي تنطلق ولا تتنازل لأنها الواثقة في نضوج عقلها وقوة مشاعر قلبها وخفة روحها؛ هي الأنثى التي لا تخجل من دلال أنوثتها فقد زينتها بالدين وخبرة الحياة.
الجهل المجتمعي في نظرته لأنثى الخمسين
وعلى الرغم من إيجابيات أنثى الأربعين إلا أنه في بعض المجتمعات الشرقية التي تُنحي الطب جانبًا لترسم صورة تقليدية للمرأة بعد الأربعين بأنها امرأة الظل والخمول، وتضع مشاعرها ورغبتها في الحياة في آخر الاهتمامات الإنسانية، وكأن انقطاع الطمث يفرض عليها انقطاع الانطلاق والحياة، وهذا ينافي الفطرة والعلم؛ فأنثى الخمسين ليست بصفحة تُطوى، وليست بعائق كي يزال، بل هي جبل المشاعر الناضجة، وهي الطريق لانطلاق الرجل إلى سعادة المشيب وابتسامة الروح.
حصاد الرجل من إيجابيات الأربعينية والخمسينية
عندما تصل المرأة إلى هذه المرحلة العمرية، تكون قد تخلّصت من الكثير من الضغوط الأسرية والتي من أهمها مشاكل الأطفال الذين اجتازت معهم دراستهم بنجاح واطمأن ذهنها فلم يعد تفكيرها مركزًا إلا في نفسها جسدًا وقلبًا وروحًا، ومن هنا تبدأ مرحلة الانطلاق مع زوجها، لقد أصبحت تعيش أنوثتها بثقة وهدوء، وبدأت تظهر جمالها بنضج الخمسين ودلال العشرين، هنا يجب على الزوج رسم رؤية جديدة لزوجته فلقد أصبحت أكثر عمقًا كعطر أصيل أصلي يزداد سحرًا كلما مر عليه الزمن، عليه أن يدرك أن الزواج ليس قيدًا بل هو مساحة للنمو المشترك فكما زادت رغباته صارت هي أيضًا أكثر حيوية وأكثر انطلاقًا، وأكثر امتلاء بالعشق، فأنوثتها لم تنطفئ ولا تصرح بها بل تهمس بثقة، وقطار حبها لم يتوقف بل تكشف روحها الجديدة لمن يستحقها وعلى الزوج تدريب نفسه على استحقاقيته لذلك وإلا هجرته؛ فهي ليست أفولًا بل هي البداية الحقيقية والعميقة للحب والتواصل الروحي مع من يتذوق جوهرها ولا يفتن بالمظاهر الجسدية، مع من يصغي لحديث عيونها ويقدر عمق نظراتها غير مكترث بكحل تزينت به أو لم تتزين.
الحب الدائم ليس حب البدايات
إن المرأة الأربعينية والخمسينية ليست النهاية بل هي لحظة عودة الحياة إلى معناها وعودة الجمال إلى رونقه وعودة الحب إلى عمقه، هي نداء الروح الذي لا يسمعه إلا الزوج الناضج فكريًا الشغوف عاطفيًا الذي يدرك أن الحب الحقيقي ليس في البدايات فقط بل ما نعيشه في مراحل الأربعين والخمسين ما بين الدلال والنضج، ما بين العاطفة والعقل، ما بين الجنون والحكمة، ذاك الحب الذي يزين مرحلة الخمسين بعطره وانسيابه على الروح فتطمئن وتستقر وتسعد وتنعم باستمرارية السكن والمودة.
إن الزوج الذي يستشعر نداء أنثاه؛ إن أجاب سعد وإن غفل فاته أجمل ما في العمر، إن أنثاه لم تعد ذاك الشخص الذي يقف كلما سقط فالسقوط يرهقها لذلك فأنثى الأربعين والخمسين تبيع من يسقطها ويرهقها مهما تألمت، وترتمي بين أحضان الزوج الذي يعشق ويهوى وينعم باستمرارية الانطلاق مع أنثاه تابع كل جديد على تريندات.
كاتبة المقال
د. رحاب أبوالعزم