كتبت / غادة العليمى
فى زمن أبدع فيه كل فنان فى منطقته وكل نجم فى أدواره ظهر أشكال وألوان من الشخصيات التى عاشت معنا وظلت أيقونه ثابته بأسماء الشخصيات التى كانت تؤديها ونمط الأداء الذى كانت تقدمه
من هذه الشخصيات الشهيرة هى شخصية إحسان الشريف بنت سلطح ملطح باشا فى فيلم إشاعة حب
الفنانة التى إحترفت أدوار الشر الطيب
الشر اللطيف الذى يقدم الكوميديا وينتزع الضحكة قبل أن يقدم الصورة السوداويه ويخرج الشهقة المرتعبه
مهدت لنا ” إحسان شريف” طريقها السينمائي إلى قلوبنا بشر من نوع خاص تجده في غمزه عين ورعشة شفاه وسحنة وجه ممتعض وإماءه رأس معترضه
شر متواجد في حياتنا اليومية ونلتقي به دون مبرر ودون سبب شر يعيق حركتنا ويغلق بدايات أيامنا أو يطمس أي ابتسامة أو فرحة تغزو قلوبنا.
لا تتحدث إلا بمقدار وقد لا تتحدث مطلقًا لكنها تقول ما لا تستطيع كتب أن تصفه
إنها بلا منازع ملكة الشر الطيب فى السينما المصرية
قدمت دور العانس العجوز التي كانت ترعب أي شخص بصفتها “رئيفة- العانس” أخت الباشا القاسِ ” عزيز – زكي رستم” أو “عمو عزيز” في فيلم ” أين عمري” وتحاصر جسد ” ماجدة” المنطلق في عفوية وعندما تتحدث تعلم أن هذا البيت حتمًا سينفجر وتتحطم أركانه.
لقد وضعت “إحسان شريف” بهذا الدور للعانس مواصفات جديدة وغريبة فهي ليست باحثة عن رجل وليست مرغوبة كأنثي ولكنها تخرج هذا الشر أو الكراهية لكل بهجة حولها
فمن هى هذه الشريرة البارعة الفنانة
نبذه عن حياتها
هذه هي “إحسان شريف” ولدت بالقاهرة في عام 1921 وتخرجت من مدرسة حلوان الثانوية وعملت مع فرق الهواه حتى إنتقلت في الثلاثينيات للفرق الشهيرة مثل نجيب الريحاني وعلي الكسار وقد اكتشفها زكي طليمات وتزوجها وعملت معه في أدوار التراجيديا المسرحية وما أن انفصلوا حتى انتقلت إلى السينما عام 1947 بفيلم “هدية” مع محمود ذو الفقار
أدوارها مميزة وبصمات لاتنسي
أدت إحسان الشريف أدوارًا صغيرة في السينما والمسرح وخلال هذه الأدوار الصغيرة لا يمكن لنا أن ننسي وجهها أو حركتها كأمرأة قاسية القلب في فيلم ” الطريق المسدود” فقد كانت تلقن ” فايزة- فاتن حمامة” الوافدة الجديدة على المدرسة والقرية بمجموعة صارمة من الأوامر وفي الحقيقة هي لا تقدم لها الأوامر بقدر ما تقدم لنا طريقتها القاسية للحياة
ثم لونت أدائها مع المخرج ” فطين عبد الوهاب” في فيلم ” إشاعة حب” لتدخل قلوبنا بنوع أخر من الشر الطريف شر التعالى والنفخة الكذابة والتسلط على زوجها المغلوب على أمره ” يوسف وهبي”.
بطهيها الغير مفهوم لنوعيات للأطعمة لا تستطيع أن تأكلها لكن هذا الشر أحببناه أظهرت لنا وجه من وجوه الشر لم نكن نعرفها وبطريقة كوميدية لم تتكرر ثم أبدعت فى دور الحماة الصامتة التى لا يعجبها العجب لتظل مصمصة الشفاة طوال أحداث فيلم ” أم العروسة” إنها الحماة التي تخافها كل النساء
نموذج موجود في جميع عائلاتنا المصرية
وفي فيلم ” الناصر صلاح الدين” قدمت دور ” الراهبة أو راعية الكنيسة” التي تنتقد صلاح الدين الأيوبي وجنوده بشدة بعد أن حرر مدينة القدس طالبه منه ولأنها أم الفتاة التي اختطفها جنود ” كمشتكين بن الدانشمند” لتشكو بلهجة عنيفة للناصر صلاح الدين وحين ينصفها بتحرير ابنتها من يد الجنود تقوم بدق أجراس الكنيسة جعلت من أصوات الأجراس بهجة تغلف مدينة السلام التي تستقبل جنود صلاح الدين وقد حصلت بهذا الدور على جائزة أحسن ممثلة مساعدة
ثم تقدم إحسان الشريف دور آخر جديد وهو السيدة الصعيدية في رائعة صبري موسي وحسين كمال ” البوسطجي” فهي “أم أحمد” الداية والدلالة والبائعة المتجولة العجوز والموشومة في ذقنها عيونها الغارقة في الكحل الأسود تزيد من قسوة نظراتها وهي حاملة خطابات الحب بين ” جميلة وخليل” لدرجة تجعل ” عباس البوسطجي” يرتعب بأن تكون هذه “الكركوبة” صاحبة قصة حب وتنتظر مراسلات لها وعندما يأمرها بالتوقيع فتخرج له الختم ليكتشف كل شيء وتكشف تاريخها الذي لم تقله كامرأة ليل أو امرأة غير سوية تستطيع تسهيل أشياء كثرة في تلك القرية الغارقة في الجهل
تجعلك هذه المرأه ترتعب وهي تسير بجوار الجدارن في تلصص إلى أن تصل لشباك “البوسطجي- عباس”وتنظر لعباس فتكشف عن امرأة خبيرة في الحياة السرية لتلك القرية فيكتشف الحقيقة
وقبل رحيلها في عام 1985 أدت دور الحماة التي تريد تزويج ابنتها ” زينات” ” بعطية – يحيي الفخراني” في فيلم ” خرج ولم يعد” ولكنها لا ترضي عن تلك الزيجة أو مكان السكن الذي ستسكن فيه ابنتها لآنه آيل للسقوط لذا فأن عيونها خلف النظارة كفنجاننين قهوة متسعتان تقرأ فيهما مصير البطل الذي يجب عليه أن يهرب خاصة عندما تقدم له ” العدس” كطعام فتخبره بطريقتها ونظرات عيونها إن هذا مصيره ومصير تلك الزيجة
قدمت للتليفزيون عدة أعمال مميزة مثل
«أبناء العطش» «ميراث الغضب» «العنكبوت» «اللسان المر» «الدوامة»
شاركت بالغناء والتمثيل فى اوبريت الدندرمة وغيرها ..
تزوجت من الفنان زكى طليمات لفترة قصيرة و لم تنجب أطفال ..
توفيت الفنانة إحسان شريف فى 8 سبتمبر 1985م بعد ان أدت آخر أدوارها للسينما فى فيلم «شهد الملكة»
أستاذة الفنانين
“إحسان شريف” صاحبة موهبة كبيرة لم تجد حظها لكنها استطاعت أن تحفر لها مكانًا في تاريخنا السينمائي، إنها ” أستاذة الفنانين” كما أطلق عليها يوسف شاهين وأشاد بها ليقول لها” مكانك في هوليود” لكن مكانها الحقيقي في قلوبنا بنفختها الكدابة وارستقراطيتها الفارغة ومصمصة شفاها الخالدة
رحمة الله عليها وعلى زمن جميل أفرز لنا مواهب وشخصيات حفرت تاريخها فى قلوبنا وأثرت تراثنا الفنى وتركت خلفها بصمة مميزة نتذكرها دوما تلك الشريرة الطيبة إحسان الشريف
